أنا لا أحب تجاوز مساحتى لدى الآخرين، أبقى دائماً على أطراف المشهد، لذا يقلقنى دفعى لعمقه بهيستريا مفتعلة، أقول أنى دائماً فى كامل وعيي حتى وأنا فى غيابات الوهم، وأنى استطيع أن تدبر الأمر وحدى، وحدى تماماً، والاستغناء عن أي شئ وكل شئ، الصمت ليوم أو اثنين أو حتى لأسبوع، أن أحرق أوراقي كاملة وأرحل، بلا تفكير أو تردد أو ندم، أنا أكثر خفة مما يظنون، أطفو على سطح الزمن، لا أنا فيه، ولا أنا خارجه، اعبر بينهم بلا ملامسة، وأمرر الأيام من ثقب ابرة، فلم يعد يؤذينى النسيان ولا المسافات ولا الصمت المفاجئ ولا كل تلك النظرات التى ترشق سهامها فيّ.
في داخل رأسي مساحة لا تطأها قدم بشر، منطقتي المحرمة، واديّ المقدس، الذى لم اسمح لأحد أبداً أن يقتحمه بهمجية، فقط لأنى استحق أن يبقى شئ في هذا العالم لي.
إن كنت قد فعلت الكثير لأجل الآخرين، فإني لا أريد أن اكتب لأجل أحد، أريد أن اكتب لي، للغرف المظلمة، وقطرات الماء المعلقة على فوهات الصنابير، للضوء الهارب من شقوق النوافذ، والقطط ذات الذيول المقطوعة، للأكواب الزجاجية التى تنفجر وحدها على رفوف النيش، لبقعة الدم على ثياب تلك الصغيرة التي تسير فى الطريق أمامي، لآخر قطعة معيوبة من فستان تشتريه طفلة مصابة بسرطان الدم، للظلام، والصمت، وقلب ريحانة الذى مازال ينبض فى جسد ما، أريد أن افعل ذلك برقة وعنف وهدوء.
السبت، 17 سبتمبر 2016
هذا أنا وهذا كل ما أريد
رسائل إلى عالم آخر
لا أعرف بم يبدأ الآخرون رسائلهم عادة، ولكنى دائما في رسائلى إليك أبدأ من حيث انتهى الأمس، من الساعة التى مرت، والثانية التى تمر الآن.
لا شئ يبقى، أرددها دائمًا بلا وعى، وبلا شك. كل تلك الآشياء الرائعة ستنتهى، وكل تلك الحروب ستتوقف، سترحل الأحداث لتخلف لنا الذكريات والأشلاء، وكلاهما سواء، لا روح ولا أمل.
أنا لا أكره الحياة كما تعرف، أمنحها من نفسى ما يضمن لى حيزًا من السلام، والصمت، وأتلقى منها الصفعات واحدة تلو الأخرى بلا شكوى، تمر العواصف عليّ كل حين وآخر لتُحطم كل ما ظننت أنه ثابت، لتتركنى كما أنا الآن، هشًا أطفو على سطح الأحداث، مائعًا بلا تفسير، خارج حدود الحدث، والزمن، إن لزم الأمر.
نبقى صامتين لأعوام ثم نُلقى كل ما في جوفنا دفعة واحدة في وجه العابرين، فيبدو حديثنا جافًا حزينًا بلا معنى أو هدف، وتصمت الموسيقى في الخلفية لتجعلنا نبدو أكثر بؤسًا، وأكثر هشاشة، هكذا هي الأمور دائمًا يا عزيزي، نصمت طويلًا، طويلًا جدًا، ثم ينفجر الحديث بلا سبب، ثم نعود لصمتنا الآمن، فقط لأن الحديث يرهقنا ولا يُجدى نفعًا.
نستعين باللغة لنبدو أكثر قوة، لنصقل هشاشة قلوبنا التى تعرفت الدنيا عبر الشاشات اللامعة في منتصف الليل، يبدو أن هكذا تسير الأمور، جميعنا مجرد بقايا، بقايا أحلام تحتضر، وندوب هزائم لم يكن من الممكن تجاوزها، وآثار الأخطاء التى لم يكن أمامنا سوى السقوط عمدًا فيها، وذكريات لحظات الفرح الخافتة التى تفاجئنا بها الحياة.
تبدو الكلمات تائهه، بلا هدف أو وجهه، نرسلها إلى الفراغ علها تجد من تسعى إليه، تحترق النجوم في الأفق لتمنحنا روعة خيالية، ونحترق نحن لنمنح الآشياء سحرًا وروح، نقاوم كل ذلك العنف، ونتعامل مع الحياة برفقٍ يليق بنا ولا تستحقه، فقط لأننا نعجز عن افتعال الأذى، وعن إفلات أيدى الآخرين قبل تقديم اعتذارات مطولة، ودعم غير متناهى، حتى وإن كانت أياديهم جميعًا تكبلنا، ليس لأننا رائعين، لم نكن يومًا رائعين بما يكفى، فقط لأننا لا نجيد حياة الصخب، لذا نسكن الزوايا، ونبتعد عن أنظار الآخرين قدر استطاعتنا، ونلوذ بالصمت الذي يحيطنا بهالة مصتنعة من كل ما نكره، لنبقى أسرى أنفسنا للأبد، عاجزين أن نواجه، وأن نخطأ، وأن نحيا، ونرحل مكدسين بالحكايا التى لن تُحكى أبدًا.
تقول وأقول، ونفتعل حديثًا دراميًا لا هدف له، ونسير في طريق لا نرى له نهاية، نتبادل الكلمات التى لا تحمل معنى لأحدٍ سوانا، ونزرع أزهار النرجس المظلومة على جانب الطريق، نتبادل عناقًا طويلًا، وقبلة، ثم تأتى ريح الخريف، ليتلاشى كل شئ في ظلام الغرفة، ويبقى كلانا في عالمه شديد البعد، صامتًا، عاجزًا عن افتعال الدهشة.
والسلام . .
لا شئ يبقى، أرددها دائمًا بلا وعى، وبلا شك. كل تلك الآشياء الرائعة ستنتهى، وكل تلك الحروب ستتوقف، سترحل الأحداث لتخلف لنا الذكريات والأشلاء، وكلاهما سواء، لا روح ولا أمل.
أنا لا أكره الحياة كما تعرف، أمنحها من نفسى ما يضمن لى حيزًا من السلام، والصمت، وأتلقى منها الصفعات واحدة تلو الأخرى بلا شكوى، تمر العواصف عليّ كل حين وآخر لتُحطم كل ما ظننت أنه ثابت، لتتركنى كما أنا الآن، هشًا أطفو على سطح الأحداث، مائعًا بلا تفسير، خارج حدود الحدث، والزمن، إن لزم الأمر.
نبقى صامتين لأعوام ثم نُلقى كل ما في جوفنا دفعة واحدة في وجه العابرين، فيبدو حديثنا جافًا حزينًا بلا معنى أو هدف، وتصمت الموسيقى في الخلفية لتجعلنا نبدو أكثر بؤسًا، وأكثر هشاشة، هكذا هي الأمور دائمًا يا عزيزي، نصمت طويلًا، طويلًا جدًا، ثم ينفجر الحديث بلا سبب، ثم نعود لصمتنا الآمن، فقط لأن الحديث يرهقنا ولا يُجدى نفعًا.
نستعين باللغة لنبدو أكثر قوة، لنصقل هشاشة قلوبنا التى تعرفت الدنيا عبر الشاشات اللامعة في منتصف الليل، يبدو أن هكذا تسير الأمور، جميعنا مجرد بقايا، بقايا أحلام تحتضر، وندوب هزائم لم يكن من الممكن تجاوزها، وآثار الأخطاء التى لم يكن أمامنا سوى السقوط عمدًا فيها، وذكريات لحظات الفرح الخافتة التى تفاجئنا بها الحياة.
تبدو الكلمات تائهه، بلا هدف أو وجهه، نرسلها إلى الفراغ علها تجد من تسعى إليه، تحترق النجوم في الأفق لتمنحنا روعة خيالية، ونحترق نحن لنمنح الآشياء سحرًا وروح، نقاوم كل ذلك العنف، ونتعامل مع الحياة برفقٍ يليق بنا ولا تستحقه، فقط لأننا نعجز عن افتعال الأذى، وعن إفلات أيدى الآخرين قبل تقديم اعتذارات مطولة، ودعم غير متناهى، حتى وإن كانت أياديهم جميعًا تكبلنا، ليس لأننا رائعين، لم نكن يومًا رائعين بما يكفى، فقط لأننا لا نجيد حياة الصخب، لذا نسكن الزوايا، ونبتعد عن أنظار الآخرين قدر استطاعتنا، ونلوذ بالصمت الذي يحيطنا بهالة مصتنعة من كل ما نكره، لنبقى أسرى أنفسنا للأبد، عاجزين أن نواجه، وأن نخطأ، وأن نحيا، ونرحل مكدسين بالحكايا التى لن تُحكى أبدًا.
تقول وأقول، ونفتعل حديثًا دراميًا لا هدف له، ونسير في طريق لا نرى له نهاية، نتبادل الكلمات التى لا تحمل معنى لأحدٍ سوانا، ونزرع أزهار النرجس المظلومة على جانب الطريق، نتبادل عناقًا طويلًا، وقبلة، ثم تأتى ريح الخريف، ليتلاشى كل شئ في ظلام الغرفة، ويبقى كلانا في عالمه شديد البعد، صامتًا، عاجزًا عن افتعال الدهشة.
والسلام . .
رسائل إلي عالم آخر
لا أعرف إن كانت الأمور تسرى معك على ما يرام، يكذب الناس كثيرًا -وأنت معهم- عندما يُسألون عن الحال، ويعتبرون إخفاء التعاسة تضحية يفوق ثوابها ثواب احتمال التعاسة ذاتها، إلا أنى أُرهقت من الكذب، من الإدعاء الدائم أن الأمور بخير، والحياة على ما يرام، والشمس مشرقة، والعصافير لا يُنذر فزعها بشؤم.
على أية حال أنا لست بخير تمامًا، أحاول جمع شتات أمرى، وكعادتى في كل مرة، أقف على بُعد خطوة واحدة من الهزيمة، يكفى خطأ واحد لافساد الأمر برمته، وكعادتى أسقط فيه، أحيانًا عن غير عمد، ودائما عن عمد بفعل الجزع، وينتهى بى الحال في شتات لا أرى له نهاية.
أنت هناك، وأنا هنا، وبيننا كل تلك المسافات، كل هؤلاء البشر، وكل ذلك الزيف، نلتقى في عوالم السحر وأروقة الخيال، لنسلك معًا الطرق الغير ممهدة، والممرات التى تسكنها الأشباح، أنت هناك وأنا هنا، وكلانا غارق تمامًا في الصمت، الصمت الذي يُزيد الحزن جلالًا، ويكسو عيوننا مسحة رومانسية قادمة من العصور الوسطى، هاربة من لوحة كلاسيكية لرسام مجهول.
في مديح عينيك المرهقتين قد اكتب مئات القصائد، ولا أعرف لم لا تُقدر عينيك تقديرًا خاصًا، هاتين الفتحتين الصغيرتين اللتان تراقب بهما العالم عن كثب، وتحفظ تفاصيله عن ظهر قلب.
تسوء الأمور يا عزيزى، وابتعد كل يوم عشر خطوات على الأقل عن ما أظن أنى أريده، أشعر بالإرهاق، وأعجز عن التشبث بأى خيط يُلقى أمامى، وأظن أنه لو أُلقىّ ما أريد الآن تحت قدمىّ، فإنى سأعجز حتى عن الانحناء لالتقاطه.
دائمًا أتمنى لك الهدوء الذي ترجوه، والسكينة التى تسعى إليها، في عالم آخر أقل صخبًا، وأكثر سلامًا، سأقترب، سأقترب لأربض على كتفك، لأخبرك أنك تستحق حياة أفضل، أما في عالمنا هذا، ففرصة التقاء عيوننا في شارع مزدحم تتساوى مع فرص أن يحصل بطوط على عمل مريح، بأجر ثابت، واجازة أسبوعية.
دعنا نتخفف من كل ذلك الزخرف الذي ينسجه البشر حولنا، نجلس على الرصيف في الفراغ بين سيارتين، نتبادل الحديث، الطعام، والسجائر إن لزم الأمر، نُلقى كل تلك الأحمال عن أكتافنا ونرحل، بلا وعود، بلا خطط مستقبلية، بلا أمل في أكثر من ذلك.
أثر القلم على أصابعك، ورتوش الحبر على باطن كفك، والتعب الذي يُثقل كاهلك، والفوضى التى تسكن أعماقك، كل ذلك يجعلك تبدو أكثر رقة، أكثر رقة من كل أولئك المنمقين، ولا أعرف إن كان ذلك سيسعدك، ولكنه يسعدنى.
أدعوك لقهوة في المقهى الذى خلقه هاروكى موراكامى في كافكا على الشاطئ، الذي استمع فيه لبيتهوڤين لأول مرة، نرشف هناك القهوة على مهل، "فالقهوة أخت الوقت كما تعرف"، ونبقى صامتين، ننهى القهوة ونتبادل عناقًا طويلًا ونرحل.
- Jan 2016على أية حال أنا لست بخير تمامًا، أحاول جمع شتات أمرى، وكعادتى في كل مرة، أقف على بُعد خطوة واحدة من الهزيمة، يكفى خطأ واحد لافساد الأمر برمته، وكعادتى أسقط فيه، أحيانًا عن غير عمد، ودائما عن عمد بفعل الجزع، وينتهى بى الحال في شتات لا أرى له نهاية.
أنت هناك، وأنا هنا، وبيننا كل تلك المسافات، كل هؤلاء البشر، وكل ذلك الزيف، نلتقى في عوالم السحر وأروقة الخيال، لنسلك معًا الطرق الغير ممهدة، والممرات التى تسكنها الأشباح، أنت هناك وأنا هنا، وكلانا غارق تمامًا في الصمت، الصمت الذي يُزيد الحزن جلالًا، ويكسو عيوننا مسحة رومانسية قادمة من العصور الوسطى، هاربة من لوحة كلاسيكية لرسام مجهول.
في مديح عينيك المرهقتين قد اكتب مئات القصائد، ولا أعرف لم لا تُقدر عينيك تقديرًا خاصًا، هاتين الفتحتين الصغيرتين اللتان تراقب بهما العالم عن كثب، وتحفظ تفاصيله عن ظهر قلب.
تسوء الأمور يا عزيزى، وابتعد كل يوم عشر خطوات على الأقل عن ما أظن أنى أريده، أشعر بالإرهاق، وأعجز عن التشبث بأى خيط يُلقى أمامى، وأظن أنه لو أُلقىّ ما أريد الآن تحت قدمىّ، فإنى سأعجز حتى عن الانحناء لالتقاطه.
دائمًا أتمنى لك الهدوء الذي ترجوه، والسكينة التى تسعى إليها، في عالم آخر أقل صخبًا، وأكثر سلامًا، سأقترب، سأقترب لأربض على كتفك، لأخبرك أنك تستحق حياة أفضل، أما في عالمنا هذا، ففرصة التقاء عيوننا في شارع مزدحم تتساوى مع فرص أن يحصل بطوط على عمل مريح، بأجر ثابت، واجازة أسبوعية.
دعنا نتخفف من كل ذلك الزخرف الذي ينسجه البشر حولنا، نجلس على الرصيف في الفراغ بين سيارتين، نتبادل الحديث، الطعام، والسجائر إن لزم الأمر، نُلقى كل تلك الأحمال عن أكتافنا ونرحل، بلا وعود، بلا خطط مستقبلية، بلا أمل في أكثر من ذلك.
أثر القلم على أصابعك، ورتوش الحبر على باطن كفك، والتعب الذي يُثقل كاهلك، والفوضى التى تسكن أعماقك، كل ذلك يجعلك تبدو أكثر رقة، أكثر رقة من كل أولئك المنمقين، ولا أعرف إن كان ذلك سيسعدك، ولكنه يسعدنى.
أدعوك لقهوة في المقهى الذى خلقه هاروكى موراكامى في كافكا على الشاطئ، الذي استمع فيه لبيتهوڤين لأول مرة، نرشف هناك القهوة على مهل، "فالقهوة أخت الوقت كما تعرف"، ونبقى صامتين، ننهى القهوة ونتبادل عناقًا طويلًا ونرحل.
الجمعة، 16 سبتمبر 2016
أشعر بالميت | صوفيا دى ميلو اندرسن
أشعر بالميت في برد البنفسج
وذلك الغموض العظيم للقمر
حُكم على الأرض أن تكون شبحًا
الأرض التى تؤرجح داخلها كل الموت
أعلم أنّنى أغني على جُرف الصمت
أعلم أنّنى أرقص في وقت التوقف
أننى أتملّك في أماكن التجرّد
أعلم أننى أسيرُ بالقرب من الميّت الصامت
وأحنل داخلى موتي
دون أن يشعر أحد
لكنّى خسرت نفسي داخل أنفس كثيرة
مِت لمرات كثيرة
قبّلت أشباحًا كثيرة
لم أتعرّف علي أخطاء كثيرة
وهذا الموت سيكون بسيطًا
كالخروج من البيت إلى وسط الشارع
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)