السبت، 25 فبراير 2017

أنا قابل للإنضغاط، سأتكور في أقل مساحة تمنحها لي من نفسك، وسأبقى ساكنًا هناك بلا حراك، فقط كي لا أفسد على الناس حياتهم، أنا تائه كليًا الآن، عاجز تمامًا عن رؤية الطريق أمامى، عاجز تمامًا عن سرد ما يدور برأسي، وأظن أنى سأموت مختنقًا بحكاياتى التى لم تُروى، سأستند إلى الحائط وأتمنى لو ابتلعنى بين ذراته، سأستند إلى صدرك وأتمنى لو انشق لأختفى داخلك للأبد، أنا لا أملك شيئًا، وكل الأشياء تملكنى، العالم يحتجزنى بين أركانه، ويجعلنى دائمًا عاجز عن الحركة، ويجعلنى دائمًا أختنق.
أمارس طقوس اليوم بميكانيكية شديدة، وأكاد أفقد كل ما كنت أظن أنه يسكننى من مشاعر، تدهسنا استهلاكية العالم بلا رحمة، وتحولنى بلا وعى منى إلى شئ، أفقد إنسانيتى تدريجيًا، لأفقد معها كل ما أظن أنه يميزنى.
أنا هنا ولا حل لذلك، أنا هنا والعالم كله هناك، أنا هنا في الصمت المطبق، بينما يثرثر الآخرون بلا توقف، أنا هنا عاجز تمامًا، صامت تمامًا، وتائه كما لم أكن من قبل، ولا أجد سبيلًا لخلاص يُرضينى.

20 jan 2017

الجمعة، 24 فبراير 2017

I can fight. I just need something to fight for.

بلال علاء

روحي على الجسد الجميل الذابل، وعلى الأرواح الهائمة التي استقرت في المكان الخطأ.


قلبي مع الجمال الذي لم يكتشف نفسه، ومع الأغنيات التي فقدت ذروتها بسبب كلمة في غير موضعها.

القبلة التي عطلها تلصص الآخرين، والنبوة التي أتت بعد موت صاحبها.

حزني على الضحكة الجميلة التي توترت في منتصفها، والابتسامة التي قطعها الخوف.

اللوحة التي لم يكن ليوجد أجمل منها لولا مغامرة في اختيار درجة لون واحد.

القسوة في غير موضعها، وأيام الطمأنينة التي راحت دون أن يلاحظها أحد.

الذكاء المتقد المنشغل بالتوافه، والحزن الذي أتى قبل موعده.

الشعراء الغافلون عن شعريتهم، والأنبياء التائهون في شكل حكماء محليين.

الكآبة التي لاحقت الناس في أزمنة جميلة، والأمل حين لم يتبق ما يرجى قدومه.

الشجعان الذين خسروا أرواحهم، بسبب حركة مباغتة، في أول معركة.

والذين قامروا بحيوات عظيمة، من أجل، أفكار شديدة السخافة.

رثائي لكل فاتن عطله التردد، ولكل فكرة ساحرة خانتها اللغة.

لكل جميل مرتبك، ولكل عظيم عديم الثقة.
- بلال علاء

الاثنين، 20 فبراير 2017

الوحدة شبة البرد، بس أبرد شوية، هيا احساسك إن العالم مخلوق من تلج، كل حاجة مخلوقة من تلج، وانت طول الوقت بردان.

- what were you doing all this time?
= I was Waiting.

الجميع كانوا يستحقون معاملة أفضل، حتى أنا.

كل ما يطلبه العالم منا أن يتحمل كلٌ منا هزائمه في صمت.

- كنت مستنى.
= مستنى ايه؟
- مش عارف. كنت مصدق إنى هلاقى حاجة في آخر النفق زي ما بيقولوا، بس مكنتش عارف هيا ايه، فمشيت وخلاص زي ما كلهم ماشيين.
= ولقيت حاجة؟
- مش عارف.
= ازاى؟
- في حاجات كتير هنا، بس كلها مكسرة، كل حاجة ناقصة حتة، مفيش هنا حاجة كاملة.
= ايه اللي ناقص؟
- أهم حاجة في كل حاجة، الراحة، الأمان، الشغف، المحبة، كل حاجة فاضية من روحها، كل حاجة ناقصة أهم حاجة.
= وهتعمل ايه دلوقتى؟
- هنام.

هذة الحياة لم تكن يومًا عادلة.

رسائل إلى عالم آخر

كعادتى لا أعرف ما ينبغى عليّ قوله، كعادتى أقف عند الخطوط الهشة الفاصلة بين الآشياء، وكأن قدرى أن لا أنتمى إلى شئ، وأن لا أسكن لأحد.
أنا لم أعد أنا، ولا أعرف إن كان الأمر رائعًا أم مفزعًا، كل ما أعرفه الآن أننى خائفة ومشوشة، أُخطأ في تقدير الوقت، والمسافة، أنا مرتبكة تمامًا، وأحن إليك دائمًا.
في خيالاتى أرى الحياة بسيطة، ككتاب تلوين للأطفال، ويصدمنى البشر بتعقيداتهم المفتعلة، ويسحبوننى بعنف لعالمهم المختل، فأشعر دائمًا أننى غريبة، لا شئ لي هنا، ولا شئ ينتظرنى هناك.
المشاهد ذاتها تتكرر يوميًا، أربع ملاعق من السكر، ونصف ملعقة من الشاي، صوت الماء يغلى، ودقات الساعة في نصفها الأول عالية، ثم يعود الصوت للانخفاض تدريجيًا، ثم يعلو مرة أخرى، ويدور رأسى ويدور، ويتسرب الزمن دائمًا وبلا توقف.
أكره التكرار، ويجبرنى هذا العالم على تكرار كل شئ بالوتيرة نفسها، تتكرر كل التفاصيل، كلها بلا استثناء، وفي كل مرة ينتابنى الشعور ذاته، أشعر وكأن الزمن يصتدم بي، يعتذر، ويتجاوزنى، لا يؤلمنى مرور الوقت، كل ما يرهقنى هو شعورى الدائم بأنه يمر، وكل ما يؤلمنى هي تلك الخدوش التى يتركها في كل مرة نتصدم.
لمْ لم تعد نباتاتى تُزهر يا صديقى؟ ولمْ نتوقف الآن عن الكتابة؟ لمْ نبكى نحن، ويضحك العالم؟ لم أعد أملك إجابات، كل ما أملك الآن هو الأسئلة، علامات استفهام لا نهائية تملأ رأسى، وأعجز تمامًا عن النطق.
لا أحد يعرف الحقيقة كاملة، لأنه لا أحد يتحمل الحقائق الكاملة، وأنا لا أريد الحقيقة كاملة، أنا أريد جزءًا يُرضينى، الحد الأدنى من الحقيقة، الحد الأدنى من اليقين، الحد الأدنى الذي يمنحنى الأمان.
يعاندنى النوم هذة الأيام، ويدفعنى بإصرار نحو الإنهيار، ولا يتوقف الزمن عن التلاعب بي، وحتى في أعمق نقاط اللاوعى التي أصل إليها يستمر شعورى بأنه يمر، تتكرر المشاهد، تزداد توترًا وخيبة، ويندفع الأدرينالين في عروقى بلا توقف، فلا أُدرك طعمًا لراحة.
أنا التى أُقدس الهدوء، تنتابنى الآن الرغبة في أن أغفو لدقائق في قطار درجة ثالثة، أو على مقعد في شارع مزدحم.
أنت تعرف، يمكننى أن استمر في السرد هكذا إلى ما لا نهاية، وسيكون كل ما يضايقنى هو قواعد اللغة التى أنساها دائمًا، ولكن الجميع مشغولون كما تعلم، ولا أعرف لمْ أشعر أنى الوحيدة التى يلتهمها الفراغ حية، لكن لا يهم، أنا أتدبر الأمر وحدى، أو على الأقل أحاول، ولا أتوقف عن المحاولة.
دعنا نلتقى، فقط لأسند رأسى المُثقل على كتفك، واحتضن كفك بأصابعى الباردة دائمًا، لنتأمل انعكاس صورتنا في المرايا، ونبتسم لأننا هنا، لأننا معًا، ولأنه في خيالاتى العابثة تنبت زهرة برية في مكان مقفر كلما كنا معًا، دعنا نلتقى، أنقذ العالم وتعال.

...