يجلس ماركيز على كرسى للصيد، يُدخن التبغ في غليونه، وطُعم صنارته تراقص عند وسط البحيرة، أمر جواره، أحمل صنارتى، أُحييه، وأُعرف نفسى، واستئذن للجلوس جواره، لا يرد، فأجلس على الأرض، صامتًا يتأمل الطُعم بعينين ثاقبتين، يتجاهلنى وكأنه لا يرانى، “الجو ساحر هنا” “هل هذة البحيرة في أطراف ماكوندو؟” “ما نوع الأسماك التى تحيا هنا؟” “هل سنغرق إن سقطنا هنا؟” أُلقى العديد من الأسئلة الساذجة دفعة واحدة عله يلتفت إليّ، ولكنه لا يفعل، أصمت، أُجهز صنارتى وأحاول إلقاء طُعمى في الماء إلى نفس بُعد طعمه، ولكن ينتهى الحال بخطاف صنارتى مشتبكًا بفرع شجرة ورائى، “الحظ السئ يطاردنى هذة الأيام” أذهب لتخليص الشجرة من خطافى، أعيد ضبط الصنارة، وأمسك الخطاف وأقترب من حافة البحيرة وأنحنى لأغطسه في الماء واتركه، فيضحك، ابتسم وأعود لأجلس جواره، يأخذ الماء طُعم صنارتى إلى داخل الماء قليلًا، أبقى صامته، أتأمل طُعمى يؤدي في الماء رقصة من نوع خاص، تندفع موسيقى بيتهوڤين صافية كما لم أسمعها من قبل، كأنها تنبع من أعماق الأشجار العملاقة التى تحيط بنا، أو تفوح في عطر النرجس البريّ، “سوناتا ضوء القمر” أقول، “يبدو العالم أكثر رقة مما ينبغى عليه أن يكون” اتنفس بعمق، اشعر بالهواء خفيفًا ومُعطر وأشعر بمرور الزمن رقيقًا وهادئًا كنسمة تداعب عُنقى وكأنه يعتذر عن الرحيل، “أنا دائمًا أُفسد الأمور، ورغم كل هذا الكذب أشعر وكأن داخلى يختنق”- “قد تكون أشد لحظات حياتك صدقًا” يقول
= لا اعتقد
-أنا أفعل
= لم أعد أؤمن بالسحر
- وأنا أؤمن أنه يسكن أكثر التفاصيل بشاعة.
يقولها ويسحب صنارته، ليخرج خطافها حاملًا عصفور، التفت سريعًا اليه فيتلاشى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق