بينما تتذكر السماء أنها لم تمطرنا كفايتنا اجلس لأتأمل العالم بأعين مرهقة، واكتب إليك.
لا أشعر سوى بأنى مثير للشفقة يا صديقى، ولا أعرف لما يبتعد العالم عنى، ولما دائمًا أشعر بأنى غريب، غريب عن كل شيئ، وأن ما بينى وبين العالم ليس مترًا ولكن محيط.
يسكننى البرد، وأشعر به في ذراعيّ، وأتمنى لو أن شيئًا يضيئ بداخلى ليمنحنى بعض دفء.
لم أعد أعرف أين أسير، ولا أدرك ما يوجد حولى، ولا أرى وجهًا مألوفًا، لا أعرف أين أذهب، أو لمْ أذهب، وأتمنى لو أنى كنت أقوى لأجبرنى على الوقوف.
أعجز عن رفع بصرى عن الأرض، وكأنى أتوسل الطريق أن يخبرنى إلى أين يأخذنى.
أنا بعيدة، بعيدة تمامًا، ولا أعرف كل تلك الوجوة التى تمر أمامى، أراهم جميعًا غرباء، وأتأملهم كما لو كنت أراهم للمرة الأولى، أراهم فأرتعد، أراهم فأتمنى لو أنى أختفى، أتمنى لو أنى لم أوجد.
أتمنى لو أنى استطيع التعرف على أحدهم، لو أن أحد تلك الوجوة يكون مألوفًا لدقائق، لو أنى استطيع أن أرتمى بين ذراعيّ أحدهم وأبكى، لن أبكى حزنًا، سأبكى تيهًا.
صدقنى أنا لا أعرف إن كنت أنا المتهم في ذلك كله، لا أعرف كيف وصلت لهنا وكيف الخلاص، أتمنى لو أنى اختفى، اختفى تمامًا.
March 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق