الثلاثاء، 7 مارس 2017

هذا الساذج كان أنا

في كل عام أفقد شئ، روحي تتآكل تدريجياً، أستيقظ كل صباح وأنا أشعر بمرارة الهزيمة في حلقي، تتغير الأوراق علي الحائط المواجهة لفراشي، من الفراغ إلي الآيات والمقولات إلي الفراغ ثم الآن إلي كلمات إنجليزية، لا أعرف حتي إن كنت أنا من اختارها أم هي من اختارتني، بعشوائية حددتها وطبعتها، وبعشوائية صنعت بها حائطي.
قبل بداية عامي الجديد، أعددت مكتبتي، وصنعت حائط يشبه إلي حد كبير تلك الحوائط التي يصورونها هنا، اشتركت في مكتبة لاستعارة الكتب، وقرأت لماركيز، وحل هاروكي موراكامي ضيفاً علي رفوف مكتبتي، حدثت نظام تشغيل هاتفي، استمعت إلي موسيقي وأغنيات وخطبة الجمعة من ذات الخطيب الذي يُخطأ دائماً في متن الأحاديث، فعلت كل ذلك بلا وعي، وخلال هذا كله كنت انكمش، اتناقص، أصبح أكثر ضآله، لا أكسو الآشياء بروحي، كانت هي التي تشكلني كيف تشاء، وفي اللحظات التي تعم فيها الفوضى، لا أراني سوى كمركب قديم، من خشب متآكل هش، يُبحر في ليلة ظلماء، بلا وجهه، تتقاذفه الأمواج، وتُغير الرياح طريقه عشرات المرّات.
يتكرر الأمر كل عام، تأتي امتحانات وأظن أني سأستطيع أن أحصل فيها على أعلي قدر من الدرجات، ثم ينتهي الأمر بي مندسة في فراشي، أُمسك هاتفي، وأشعر أنه لا يمكنني تركه، يضحكون لأني الأكثر بروداً، وأبكي، لأني لا أملك شيئاً أحيا لأجله.
أتأمل نقطة في السقف لساعات بلا ملل، تبرد قهوتي بينما أتأمل خطوات العابرين عبر زجاج المكتبة، أتحرك بخفة بين أكوام الكتب المُتربة لأسحب أكثرها قِدماً، اُشكل حروفاً واترك أخرى، واستسلم للكتابة بلا هدف، وانتظر، وأظن أن العالم ليس سوى رقعة شطرنج، وأنهم جميعاً ليسوا سوى قطع متناثرة بلا قواعد، وأن الطريقة الأمثل للتنقل من خانة إلي أخرى هي أن تتسلل بين القطع، دون أن تمسها، أو تمسك، ولكنهم يُصرون على الاقتراب، يُصرون على اقتحام عالمي، يصرون على افساد الأمر كله.
لا أعرف -صدقاً- إن كنت مُحاطة بالمكتئبين وفقط، أم أني في قاع الإكتئاب كما يحكمون هم، يقولون أني سأُجن لأني أُركز مع البشر لهذا الحد، وحقيقة الأمر أنهم يصبغونني بصبغتهم ليس إلا، وأني ترفعت منذ زمن عن خطايا البشر، ولكن أخبرني ما ينبغي أن أفعل إن كانوا يأتونني يجرون خطاياهم، ثم يتهمونني بها؟ لا أعرف

Oct 2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق