تسألني لو كنت مكانها هل أفعل أم لا أفعل، أخبرها أني أملك مبدأ أطبقه متي أمكن تطبيقه، إن كنت تائهاً بين الفعل واللافعل فاختر الفعل،" لو كويس أديك عملته لو وحش أديك عرفت بنفسك"، تنظر إليّ متذمرة بينما يصرخ المحاضر في المايك "مش فاهم اسألني أنا، زميلك زيه زيك، مش فاهم حاجة"، أظن أنه كان ينبغي عليها أن تشكرني، لو كانت أمي لقلت لها بهدوء "براحتك"، ولكنها ليست أمي.
"اترك ضوءاً على الطريق ثم ارحل."
اشتري أكثر من علبة عصير، تسألني عن السبب، أخبرها أني لا أجد هذا النوع قرب منزلي، تضحك و "بدام بتحبيه كدا دا احنا نجبلك كرتونة"، أرد بجدية تامة أنه لو كان موجود دائماً لكرهته، الحق أنها قد تشتري لي كرتونة فعلاً، و ذراعاي لن يتحملا حملها طول الطريق للبيت، وينتهي الأمر بي أكره العصير كله من باب الاحتياط.
تتجه نحوي تحمل شتلات النبتة التي أحب، نسيت أني قلت ذات مرة في عرض الحديث أني أنوى زراعتها، لحظتها ضاق صدري، أمضيت وقتاً طويلاً أُحدق في السقف، أفكر أين يمكنني أن أجد مشتل، وأراني أجده، وأدخله، وأُحدث العامل وأسأله عن الأنواع وكيفية العناية بها، ثم تأتي هي وبكل بساطة لتهديني حلمي، هكذا وبكل بساطة، لينتهي الأمر بالنبتة ذابلة في شرفة غرفة أخي، تؤنبني كلما نظرت إليها.
أهدتني في عيد ميلادي الماضي باقة من أزهار صفراء وبيضاء، أول ورد يُهدى إليّ في حياتي، لأني من المفترض أحب الورد، في مكان آخر، لأناس آخرين قد يبدو ذلك موقفاً مثالياً في صداقة مثالية، لكنه كان مؤذياً لي، ينقبض قلبي كلما رأت تلك الأزهار الذابلة علي رف مكتبتي، كانت البداية الأسوء لعامي الذي يلملم أغراضه راحلاً بكل ما فيه من ألم.
"ساعدني علي تحقيق حلمي، لكن لا تحققه لي."
اجلس علي الكرسي المواجه لأمي، بينما تفرط لنا رمان، أُداعب هاتفي بسبابتي، أغوص في عوالم الآخرين، وانفصل تماماً عن الواقع، تسألني عن يومي، أخبرها أن إحداهن فقدت الوعي اليوم، ترد أن التعليم في هذا البلد بطولة، لا أرد، نصمت قليلاً، تقطع هي الصمت، تقول أن ترتيب حبات الرمان داخل الثمرة معجزة، افتعل ابتسامة دون أن انظر إليها، تُكمل بنبرة صوت هادئة هامسة "بيقولوا كل واحدة رمان فيها حباية من الجنة، يعني تفرطيها كويس ومتوقعيش حباية تبقي أكلتي حبة رمان من الجنة" اترك هاتفي، انظر اليها باهتمام، واتركها تحكي عن يومها في العمل.
"حتي أمك تملك حكايا تستحق أن تُسمع."
Oct 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق