كيف الدنيا معك يا صديقى؟! أتمنى لو أننا نستطيع تبادل الحديث عن طقوس أيامنا العادية، أن تخبرنى بالأشياء العادية التى تحبها، بالآشياء التى تفسد عليك يومك، كيف هى قهوتك؟ ومتى تزور عالم الأحلام.
أؤمن أن الآشياء لا تكتسب قيمتها من ذاتها ولكن من انعكاس ذواتنا عليها، الورقة التى تحمل خربشاتك لا تعنى شيئًا لأحد، ولكنها تعنى لى كل شئ.
أمارس يومى بنصف وعى، أتغاضى عن كل ما يمكن أن يعكر صفو مزاجى، اُنجز ما يجب انجازه واختلق مهامً أخرى، فقط ليمر الوقت، لتنتهى الساعة، ثم اليوم، ثم الأسبوع.
العالم صاخب يا رفيق، صاخب ومجنون، وأنا صامتة تمامًا، وكعادتى أمارس الحياة برقة لا تستحقها، أصمت ليوم ليومين لأسبوع لعام، أصمت كأنى لم أعرف الحديث يومًا، ويرهقنى الفراغ الذى يملأنى تمامًا، أشعر به ثقيلًا في صدرى، ومؤلمًا في كتفيّ.
لمْ لم تخبرنى أن العالم بارد إلى هذا الحد؟ أنا تائهة كعادتى، أسير في طريق لا أعرف أين ينتهى، لا أعرف إلى أين أريد أن أذهب، ولا إلى أين سيأخذنى الطريق، وأستمر في السير فقط كي لا يدوسنى الناس بلا رحمة.
دعنى أطيل عليك، وأتخفف من قيود الزمان والمكان، دعنا نلتقى، في الربيع، في باريس، سأرتدى فستان أسود قصير، وسأترك شعرى حرًا على كتفيّ، سأحمل في يدى دعوتين لحفل موسيقي، وسأنتظرك على مقعد أمام النهر، سأنتظرك طويلًا كعادتى، سأنتظرك من الربيع للصيف، وطوال الصيف، وفي الخريف، وحتى في الشتاء، وستأتينى في الربيع التالى معتذرًا، وسأبتسم، وسأخذك للمسرح الفارغ، وأستمع لموسيقى أنفاسك.
فأنا لا أجيد إلا الانتظار.
أختبأ تحت بطانيتى من البرد، والعالم، والألم، أتكور في وضع الجنين، واستسلم للكوابيس، أتمنى لو أن أحدًا هنا، دائمًا كنت أخرج من عالمى المظلم الهادئ إلى صخب العالم، وأعود مكدسة بالحكايا، واصمت، تتعدد الأسباب والناس والمواقف، ويبقى الصمت، أنا اتعرف العالم بدهشة طفل، بينما العالم مألوف للجميع.
لو كنتَ هنا كنتُ سأخبرك عن انجازاتى الصغيرة، عن فروع الشجر التى صنعت قلبًا، وعن الحلوى التى أحب، وعن نباتاتى الذابلة، وقطة الجيران، كنت سأقرأ لك قصيدتى المفضلة، وأحكى لك أساطيرى الخاصة.
يقولون أن الحب وهم، فأقول وكيف هي الحياة؟
لقد مللت يا صديقى، مللت نظم الكلام منمقًا ودافئًا في الليل، لأبتلعه وحدى كوجبة نية باردة في الصباح.
دعنى أرتمى بين ذراعيك الليلة، الليلة فقط، دعنى أبكى، دعنى اتشبث بثيابك، واخبرك أنى أخشى العالم، دعنى أتمنى لو أنى أختفى.
March 2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق